أمواج ناعمة


نتنياهو في إفريقيا


د. ياسر محجوب الحسين


ربما كانت زيارة رئيس وزراء الدولة العبرية بنيامين نتنياهو إلى إثيوبيا وأوغندا ورواندا خلال هذا الشهر، هي رأس جبل الجليد الذي يغوص في البحر، فالوجود الإسرائيلي في إفريقيا معظمه مستتر ويعمل في الظلام ومن وراء الحجب.. لم يعد يخفى التواجد الإسرائيلي العسكري في تشاد ممتدا إلى عدد من دول المنطقة، هناك حيث يسهل تأجيج مشكلة دارفور.. السودان في نظر العقلية الإسرائيلية دولة تشكل خطرا عليها إذا ما سادها الاستقرار ومضت مسيرة التنمية بالوتيرة الحالية.
والغريب أن محاولات (إسرائيل) الهادفة إلى الولوج إلى القارة تأتي رغم نظرتها العنصرية العقدية تجاه الإفريقيين، وهي نظرة تتأسس على التوراة المحرف حيث الزعم بأن سواد البشرة إنما أصله لعنة نوح لابنه حام؛ ومن ثم حفدته الأفارقة.. فالتوراة المحرفة مليئة بمفاسد نظريات الشعب المختار، والعنصر السيد التي تسود أيضا في أوروبا، والتي كانت تسود كذلك في جنوب إفريقيا أيام الفصل العنصري.
من أهداف (إسرائيل)، المهمة في القارة الإفريقية إضعاف علاقات الأقطار الإفريقية بالعالم العربي، حتى يفسح المجال لتـفرّدها بالنشاط في هذه القارة الواعدة.. وربما أثمرت محاولات (إسرائيل) الولوج إلى القارة عن عدم تأثّر الدولة اليهودية كثيرا بالمقاطعة العربية، لتخطيها النطاق العربي المضروب حولها، فقفزت من فوقه إلى البلدان الإفريقية؛ وبالتالي حافظت على قسمٍ كبير من موارد المواد الأولية التي تحتاجـها، ومن الأسـواق الواسعة التي تصّرف فيها إنتاجـها.
رغم التحرك العربي الضعيف تجاه إفريقيا والذي لا يتناسب مع أهميتها الاستراتيجية، فإنه لا مجال للشك في تعاطفها مع العرب في نزاعهم مع إسرائيل.. حتى زيارة نتينياهو المشار إليها فإن المعلومات تؤكد معارضة مسؤولين في كل من إثيوبيا وأوغندا ورواندا قيام نتنياهو بهذه الزيارات، لأنها ستؤدي إلي تدهور علاقاتها مع مصر.. لابد ان مصر أكثر الدول قلقا من هذه الزيارات المشبوهة، خاصة بعد الجدل الذي احتدم بين دول حوض النيل حول تعديل اتفاقية مياه النيل.. الخارجية المصرية أكدت أن هناك تشدداً من قبل دول حوض النيل في المفاوضات التي تجري حالياًَ بشأن الاتفاقية خاصة مع كل من أوغندا وتنـزانيا وكينيا، حيث تطالب هذه الدول بإعادة توزيع حصص مياه النيل بشكل أكثر (عدلاً).

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عفواً عمرو موسى.. مخالفة القانون الدولي ديدن "الأقوياء» فقط!!

باقان أموم.. الطائر الذي عشش في قصر الحكومة