أمواج ناعمة
الاتفاق النووي.. فرص البقاء والانهيار
د. ياسر محجوب الحسين
بعد 3 سنوات من سريانه يواجه الاتفاق النووي الايراني في 12 مايو القادم خطر الانهيار. ورغم أنه شمل 7 دول، وهي إيران والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والصين، إلا أن طرفيه الأساسيين هما طهران وواشنطن. يقول الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون وقد أعيته الحيلة، إنه ربما يكون قد فشل في إقناع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، بالإبقاء على الاتفاق مع إيران. ومن جانب آخر يقول مستشار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي أكبر ولايتي، إن "أمريكا إذا أرادت أن تنقض الاتفاق النووي فإنه من غير المعلوم إن كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستبقى ملتزمة بتعهداتها حيال هذا الاتفاق".
وعلى افتراض انسحاب واشنطن من الاتفاق الموقع في الثاني من ابريل 2015 بعد سلسلة مفاوضات شاقة استمرت 12 عاما وحدها مع بقاء إيران وبقية الدول الأخرى، فإنه قد يبقى للاتفاق اعتبار ما، أما إذا ما انسحبت إيران وحدها فإن الاتفاق حتما سيكون في حكم المنتهي ولو تمسكت به الدول الست الأخرى.
ولذا فإن تهديدات ولايتي تصب في خانة الضغط على الاطراف الأخرى لتمارس ضغوطا بدورها على الرئيس الأمريكي ترامب لكي يخفف من غلوائه ضد الاتفاق. وهذا ما حاول الرئيس الفرنسي القيام به ضمن أهداف زيارته الأسبوع الماضي إلى واشنطن وجعل ماكرون من إقناع ترامب بالإبقاء على الاتفاق أولوية قصوى لكنه اختتم الزيارة بإقراره أنه سيكون هناك "خطورة كبيرة" إذا تخلى ترامب عن الاتفاق.
ومن المؤكد أن لدى إيران مصلحة كبيرة في استمرار الاتفاق النووي وما يهمها هو عدم إعادة فرض إجراءات الحظر عليها التي ألغاها الاتفاق وقد وافقت على تجميد برنامجها النووي، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليها ولعل العقوبات الأمريكية هي الأقسى والأوجع، ولذلك فإن ما يهم طهران هو بقاء واشنطن ملتزمة بالاتفاق وفي ذات الوقت ترفض بقاء واشنطن ضمن الاتفاق إن كان الثمن هو إعادة الحظر عليها تحت أي مسمى آخر.
أما ترامب يريد فرض المزيد من التضييق على تنامي قدرات إيران العسكرية من منطلقات قومية وانعزالية وألا تقتصر القيود على البرنامج النووي في إيران فحسب بل يريد أن يشمل ذلك الأسلحة التقليدية الأخرى مثل الصواريح الباليستية. وينتقد ترامب الاتفاق ويعتبره متساهلا، وتحدث مرارا عن اتفاق أوسع بكثير من الاتفاق الحالي.
من ناحية أخرى تبدو روسيا الداعم الفني للبرنامج النووي الايراني أنها تمارس ضغطا يصب في صالح الموقف الايراني، فهي لا ترى إمكانية لتعديل الاتفاق أو إدخال إضافات عليه، منتقدة تصريحات واشنطن وباريس في هذا الصدد. بل هددت بأنها في حل من أي اتفاقيات منفصلة قد تتوصل إليها الولايات المتحدة مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا. وعليه فلا يبدو أن طريق ترامب للانسحاب من الاتفاق مفروشا بالورود فمن دخل بالباب يصعب عليه الخروج من النافذة.

ومن الواضح أن ترامب يتماهى في معارضته للاتفاق مع وجهة نظر إسرائيل في الاتفاق إذ ترى فيه خطأً تاريخياً كبيراً وتنازلا لإيران. وتقول إن الاتفاق يبقي على إيران محتفظة بمنشآتها النووية، وأنه يسمح لها بتطوير قدراتها النووية التي لم تتعرض للتفكيك، كما أن القيود على برنامجها النووي مؤقتة وأن أبرزها ينتهي في 2025. فإسرائيل معنية بأن يلقى البرنامج النووي الايراني نفس مصير البرنامجين العراقي والليبي. وتخشى إسرائيل من أن تكون إيران قد استطاعت تطويع العداء الغربي وفي ذات الوقت تمضي قدما في طريق الدولة النووية مستثمرة تعاونها مع الغرب في الاطاحة بالرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، ومن قبل دعمها للحرب ضد طالبان في أفغانستان. وإسرائيل قلقة من أن الاتفاق أضفى شرعية على مكانة إيران كدولة على حافة قدرات نووية ولا يعطيها أي مبرر لشن هجوم عسكري على إيران.
الشرق القطرية 28/04/2018

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة