أمواج ناعمة
لجنة الدستور وحصان طروادة
د.
ياسر محجوب الحسين
مؤامرة جديدة تستهدف الدستور.. اليساريون
والذين يقعون تحت طائلة استغفالهم يعدون العدة للانقضاض على الدستور واستبداله
بمسخ خالي الدسم أي خالي مما يمت بصلة بالدين.. لجنة سميت لجنة الحوار الوطني قصد
منها أن تكون حصان طروادة والهدف الأساسي الالتفاف على اعداد دستور يلبي رغبة
الشعب الجامحة في دستور إسلامي يضع الأمور في نصابها وينهي حالة الغباش السابقة.. في
الأسطورة الإغريقية أن الآخيون بقيادة آغاممنون شقيق مينالاوس قاموا بحصار طروادة لاستعادة
هيلين زوجة مينالاوس ملك إسبارطة، وكان باريس قد اختطف هيلين أثناء زيارته إلى إسبارطة
وأخذها إلى طروادة.. الحصار استمر لعشر سنين فدب القنوط في نفوس الإغريق وأيقنوا أنهم
لن يتمكنوا من الإستيلاء على المدينة، عندئذ ارتأى أوليس اللجوء إلى الحيلة، فتظاهر
الإغريق بأنهم على وشك إنهاء الحصار ومغادرة المكان، وكانت بعض سفنهم قد أبحرت لكنها
توارت خلف جزيرة قريبة، بعد ذلك قام الإغريق ببناء حصان خشبي عملاق وأعلنوا أنه سيكون
تقدمة إلى الإلهة مينيرفا، ولكن في الحقيقة كان الحصان مملوءا بالمسلحين، أما بقية
الإغريق فقد تركوا مواقعهم وأبحروا تاركين الحصان الكبير خارج أسوار المدينة.. عند
حلول الظلام قام سينون بمساعدة الإغريق المسلحين على الخروج من جسم الحصان ففتحوا بوابات
المدينة ليسمحوا لإخوانهم الإغريق – الذين عادوا في الظلام – بالدخول إليها.. عندئذ
أحرقت المدينة وأعمل الإغريق السيوف في الطرواديين وكانت تلك نهاية حروب طروادة.. هذه
الأسطورة استـُنبط المصطلح (حصان طروادة) للدلالة على ما هو ظاهره نافع مفيد وباطنه
ضرر أكيد.. نعود بعد هذا الاستطراد إلى لجنة الحوار الوطني وهي حصان طراودة الذي
نعنيه.. مركز الايام للدراسات الثقافية والتنمية أعد ورقة (لم تبدأ باسم الله)
تهدف الي أن يضع اليساريون الدستور من خلال لجنة الحوار الوطني (أشيع أنها غير
الحزبية) لتعد دراسة تحت غطاء الحوار الواسع الحر.. اللجنة منوط بها تكوين لجنة
(فنية) من مستقلين أو في الحقيقة من مستغلين لضمان بعدهم عن الدين.. الأدهى والأمر
أن اللجنة أو بالأحرى حصان طروادة سوف تجعل من الحوار وبتمويل سخي من الدولة وسيلة
لتقود حملة تعبئة لأهدافها السياسية وتسيطر من خلالها علي الساحة.
يبدو أن اللجنة حققت نجاحا في استقطاب رجالا من أمثال الأستاذ الدكتور الطيب زين العابدين فقد ذكر ذلك البروف
في مقال له قائلا: (وبما أني أعمل من خلال «مجموعة الدستور» التي تعمل تحت مظلة "مركز
الأيام للدراسات الثقافية والتنمية"، فقد بذلت هذه المجموعة جهداً مقدراً منذ
منتصف شهر أبريل الماضي قامت فيه بدراسات متعمقة حول: أنظمة الحكم، هياكل الحكم،
علاقة الدين والدولة، النظام العدلي، النظام الفدرالي، الحريات وحقوق الإنسان،
ضمان فصل السلطات، آليات الضبط والتوازن بين السلطات).
ليس الدستور نصوصا صماء بل روح عامة تسري بين مكونات الدولة واتفاقا على
الثوابت وهذا ما يتوافر في بريطانيا التي لم تكتب دستورا حتى الآن.. الكثيرون
يشيعون أن التطور الدستوري في السودان يعكس فشلاً سياسياً للنخب الحاكمة منذ
الاستقلال.. معلوم أن السودان منذ الاستقلال تعاقبت عليه (6) دساتير ما بين مؤقت
وانتقالي ودائم، أي منذ العام 1956م وحتى
العام 2005م.
تعليقات