أمواج ناعمة

ثقافة الاغتيال السياسي

د. ياسر محجوب الحسين

قد يقول قائل أن الاغتيال السياسي ظاهرة ليست جديدة‏,‏ بل تعود إلي عصور ما قبل التاريخ‏,‏ وتكاد تقع في جميع دول العالم دون استثناء.. لكن نستطيع أن نقول أن هذه الظاهرة لا وجود لها في العقل السوداني على الاطلاق.. لكن ثمة من يحاول ادخال ثقافة الاغتيال السياسي في السودان.. ويبدو أن الحركة الشعبية التي هي في الأصل منتج أجنبي حيث نشأت وترعرعت في دول مجاورة تستشري فيها هذه الثقافة المقيتة ماضية في نشر الذعر بين منافسيها السياسيين، وما اغتيال الشهيدة مريم برنجي أمينة المرأة بالمؤتمر الوطني في يامبيو إلا دليل قاطع على اعتماد الحركة الشعبية التي تسيطر على كامل الجنوب نهج الغاب واسلوبالتصفية الجسدية.
لكن ما السبب الذي يجعل الحركة الشعبية تلجأ للإغتيالات السياسية؟ من الواضح أن التلكؤ في العملية السياسية وبدائية العمل السياسي وضبابية مشروعها السياسي واعتماد كثير من مكوناتها القبلية على الانتماء الطائفي والعرقي بدلا عن البرنامج السياسي المقنع من أهم الأسباب.. وليس خاف أن كثير من هذه المكونات على المستوى القيادي منشغلة بالحصول على السلطة والثروة.. الحركة كذلك ورغم اتفاقية السلام لم تستطع التخلص من موروثها الاستبدادي وكان اعتماد الاغتيال السياسي تعبير عن الفشل في الحوار مع الآخر ومقارعة الحجة بالحجة.
نهج الاغتيال السياسي الذي تسير عليه الحركة هو محاولة يائسة القضاء على رموز وقيادات المؤتمر الوطني في الجنوب، ويظن الموتورون في الحركة أن ذلك يمكن أن يكون مدخلا لتفكيك بنية المؤتمر الوطني هناك وتغيير قواعد اللعبة وفتح الأبواب أمام اعتزال العمل السياسي وأضعاف قدرة الناشطين من منتسبي الشريك المنافس على الصمود واستدامة العمل السياسي الحر.. فضلا عن أن أسلوب الاغتيالات يمكن أن يستدرج عبره الكثير من الكوادر إلى دائرة المواجهة والصدام حتى يتوفر الغطاء اللازم لاستمرار تنفيذ المخططات الظلامية.. يبدو أن قائمة المستهدفين حبلى.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة