أمواج ناعمة
نعي أليم .. "إنديا" ماتت!!
د. ياسر محجوب الحسين
هؤلاء الأمريكيون يجبرونا على مجاملتهم وسؤالهم عن أحوال كلابهم وقططهم، ولابد إن كنت (حرّاً) و(ديمقراطياً) أن تبعث برسالة مواساة ونعي أليم للرئيس الأمريكي المغادر وأسرته في فقدهم الجلل بعد وفاة القطة الأولى "إنديا"، الخاصة بابنتي الرئيس بوش، والتي رحلت الأحد الماضي، عن عمر يناهز 18 عاماً، بمقر إقامتها في البيت الأبيض. وقد وافق يوم الحزن الكبير في البيت الأسود، اليوم التاسع للمجزرة الإسرائيلية في غزة.. نعم ليس هناك ما يشغل زعيم أكبر دولة في العالم (راعية لحقوق الإنسان) هذه الأيام مثلما يشغله موت تلك القطة.. لا تحدثوه عن أطفال غزة ونساءها فهذا لايهم ولا يندرج تحت طائلة حقوق الإنسان المفترى عليها.
البيت الأبيض قال في بيان (عظيم) بمناسبة هذا الحادث الأليم إن الرئيس بوش وزوجته لورا وابنتيه باربرا وجينا، يشعرون بحزن عميق لرحيل "إنديا"، مشيراً إلى أن القطة السوداء، ذات الشعر القصير، عاشت كفرد من العائلة قرابة عقدين!!. والحقيقة أن هذه القطة السوداء وهي كائن بريء لادخل لها بجرائم بوش فكل ما يختلج في دواخلها هو حسن النية.. ورغم سوداها فقد كانت كالبَدْرَ يَشُبُّ ظَّلام وظلم البيت الأبيض.
وكما يقول وليام شكسبير (إن الوردة بأي اسم آخر تبقى وردة) نقول أن البيت الأبيض حتى لو سمي أبيض يظل بيتا أسود.. وإن كان هناك ثمة عذر لبوش فإنه يعيش لحظات وداع يزيد عبؤها النفسي عليه يوما بعد يوم.. فهو يعلم بأن أفعاله المشينة ستجعل منه شلواً ممزقاً يعيش بقية أيامه على هوامش التاريخ وحوافي الكون ورصيف العصر.
لاشك أن جبروت الآلة الإعلامية الأمريكية يفرض علينا مثل هذه الأخبار التافهة حتى ولو كانت إسرائيل تدك غزة ليل نهار.. بول ستار أستاذ العلوم الإجتماعية في جامعة برنستون الأمريكية يرى في كتابه "نشأة الإعلام: الجذور السياسية للاتصالات الحديثة" أن المؤسسات الإعلامية الأمريكية، تحولت إلى معاقل للقوة والسيطرة بحد ذاتها. وحسب عالم النفس الهولندي ميرلو، أن وسائل الإعلام تحيل الإنسان إلى كائن لا حول له ولا قوة، وتخضعه إخضاعا ربما لرؤى سياسية معينة، إذ تتضافر فنون الضغط الثقافي والعاطفي مرتبطة بالضغط البدني للسيطرة على إنسان العالم الثالث الضحية وتحويله إلى فرد له معتقدات جديدة تتفق مع ثقافة موطنها.. أي ثقافة تقديس الحيوان على حساب الإنسان!!.
تعليقات