أمواج ناعمة

أمواج ناعمة


الضفادع الصحفية!


د. ياسر محجوب الحسين


عندما تطفح بعض الكتابات الصحفية بشعور متضخم بالذات تنـزوي قيمة المسؤولية الصحفية وتتنحى جانبا.. فيُطلق العنان لحالة نرجسية تتلبس الكاتب وهالة من القوة الوهمية فيغدو مثله مثل تلك الضفدعة المسكينة التي تملأ نفسها بالهواء كي تظهر أكثر ضخامة أمام الآخرين وهي تفعل ذلك ظنا منها أنها بذلك تخيفهم وتنجو بضعفها.. إنها حالة بعض الأقزام الذين يريدون مناطحة العمالقة.
وليست الكتابة وسيلة من وسائل التعبير فحسب، وانما التزام وأمانة وقد يمتد مفهوم هذا الالتزام ليشمل الكثير من المعاني فمثلما يرى نزار قباني إن مهمته كشاعر تجعله مسؤولا عن كل نخلة، وعن كل عصفور، وكل فلاح، وكل صياد سمك، وكل طفل ذاهب إلى المدرسة، من طنجة إلى رأس الخيمة؛ فالكاتب أحيانا يرى في نفسه مسؤولا عن حادث سير هنا، أو شجار هناك، حتى ليظن أن مهمته الصحفية تعادل مهمة ولي الأمر، هكذا جاء مصطلح السلطة الرابعة.
بالطبع قد لا نتفق مع من يضع الكتابة في قالب فلسفي شاطح ويدعي أنه يلجأ إليها ليخفف من وطأة معاناته وقلقه، فينقل تلك المعاناة من أعماقه إلى أعماق الورق بل يدعي أنها كفاحه من أجل البقاء!!.‏لكن أن تكون الكتابة من أجل محاسبة الذات فذلك أمر يتسق مع العقل والمنطق لأن محاسبة الذات ليست ببعيدة عن الكتابة للآخرين فعندما يكتب الكاتب إنما يحاسب نفسه أولاً ومن ثم المجتمع من حوله.. والكاتب الصادق مع نفسه ومع الآخرين ينبغي أن لا يكون مصداقاً للآية الكريمة التي تتحدث عن تلك الفئة من الناس؛ فئة الذين يقولون مالا يفعلون! فقد نجد البعض ممن يمتهنون الكتابة الصحفية تنطبق عليهم الآية الكريمة "يا أيها الذين آمنوا لِم تقولون مالا تفعلون، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون". (الصف23).
نعم الكتابة مسؤولية جسيمة وإلا ما فائدة اعتكاف الكاتب أو الصحفي في مكتبه يسطّر النصائح والتوجيهات للآخرين، من غير أن يطبقها هو في نفسه أولا؟.. وإلا سبقى واحدا من الضفادع الصحفية منتفخة الأوداج.
03/05/2009

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة