أمواج ناعمة

افطار الصحفيين.. حضور أنيق

د. ياسر محجوب الحسين

كان حال اتحاد الصحفيين مساء أمس كحال الشاعر حين قال: "فإن تدن منك مودتي"، بل أفضل منه لأنه قال في الشطر الثاني: "وإن تنأ عني تلقني عنك نائيا" لكن الفئة القابضة على جمر الاتحاد كانت على الدوام قريبة من قاعدتها سواء دنت منها أو نأت عنها.. افطار الأمس الرمضاني شهد حضورا أنيقا وكثيفا ضاقت به جنبات دار الاتحاد وهي إحدى انجازات دورة الاتحاد الحالية، دار تتوسط مدينة الخرطوم متباهية بموقعها الفريد والوسيط.
حقا كان الحضور استفتاءً وتأييدا وتشجيعا للزملاء الغر الميامين الذين قدموا خلال دورتهم الكثير من الانجازات والخدمات التي لا ينكرها إلا كل عتل جواظ مستكبر.. لم يعد ما يجمع الصحفيين القلم والقرطاس فحسب بل أضحى ظل الاسكان والتأمين يجمعهم ويروي ظمأهم للاستقرار والطمأنينة.. لقد اصبح هذا الافطار منتدىً سنويا يلتقي فيه زملاء المهنة، هذه المهنة الصعبة فضلا عن عنتها وكبدها تضع الصحفيين في احتجاز قسري يمنعهم التواصل والتلاقي.. عشرات من الزملاء التقيتهم بالأمس فكان بيننا عناق عميق ودفء بديع أزال كثيرا من رهق العمل ومكابدة الأخبار والتقارير.
يقولون أن الصحافة، مهنة يقوم أفرادها بوظيفة محددة ولها سمات معينة وتتمتع بامتيازات ووضع خاص لأصحابها، وتعطي أصحابها طابع نخبوي مميز.. قد نتفق مع أولئك لكن وفقا للتفسير الذي نفهمه، فأهم سماتها أنها مهنة طاردة من ناحية العائد المادي، أما الوضع الخاص للصحفي أنه شخص غير مرغوب فيه لدى المسؤولين الذين اعتادوا على اخفاء الحقائق.
الامتياز الحقيقي الذي يتمتع به الصحفي أنه ممثل ووكيل للجمهور، وهذا يتطلب توفر درجة من المهارة المهنية والصدقية العالية.. لكن هذه المهنة في المقابل تجد استسهالا من الكثيرين، فمثل ما يقال أن فلانا جمع مالا ودخل به السوق ليمارس التجارة هكذا بدون خبرة ظنا منه أن المسألة سهلة ولا تقتضي أكثر من بضع آلاف من الجنيهات.. كذلك نجد الكثيرين ممن يظنون أن كل من يستطيع الكتابة يمكنه أن يغدو صحفيا.. الخلاف الوحيد بين النموذجين أن التجار المزيف سرعان ا يخرج من السوق مفلسا، أما الصحفي المزيف لا يجد من يخرجه من سوق الصحافة فيبقى النابل مختلطا بالحابل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة