أمواج ناعمة
المهدي والشريف وقصة الدكتوراة؟
د. ياسر محجوب الحسين

كان حضور السيد الصادق المهدي لخطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما من على منبر جامعة القاهرة في يونيو الماضي جزءا من محاولات الرجل الحثيثة بحثا عن فضاءات دولية يجد فيها متنفسا وسلوى بعد حالة الاحتقان التي أحاطت بمواقفه السياسية سواء على مستوى حزبه أو على أي مستوى المسرح السياسي عموما.. لكن فيما يبحث السيد الصادق يمنة ويسرى - وهذا من حقه - يلح سؤال محوري وهو ماذا يمكن أن يقدم الصادق المهدي للسودان؟.. فالرجل الذي احتفل مؤخرا بعيد ميلاده الثاني والسبعين قضى في العمل السياسي أكثر من (42) عاما وعلى أرفع المستويات على الأقل منذ أن نُحّي السيد محمد أحمد المحجوب جانبا من رئاسة الوزراء ليفسح المجال لأبن السيد الذي بلغ (30) عاما وقيل أنه بلغ (29) فقط!! فكانت أول وظيفة يرتقيها الشاب اليافع في مدارج الخدمة المدنية وظيفة رئيس وزراء!!.. بالطبع ألحقنا وظيفة رئيس الوزراء (مجازا) بالخدمة المدنية وهي وظيفة وموقع سياسي لأن أعلى وظيفة في الخدمة المدنية هي وظيفة وكيل وزارة وهي دون تطلعات ورغبة الشاب صاحب الطموح الجامح.
ممارسة العمل السياسي أمر يحتاج للصبر والايثار ومكابدة الخصوم.. لكن كثير من المواقف عبر تاريخ الصادق المهدي بينت أنه بعيد عن تلك الصفات الضرورية؛ يحكي المرحوم الشريف زين العابدين الهندي ابان معارضة الرئيس نميري وقد كان سياسيا مخضرما وجسورا في نفس الوقت قائلا: (أتاني الصادق المهدي وقال إنه يريد أن يحضر للدكتوراة في الأزهر وفي أكسفورد بينما أنا وأنصاره في الصحراء نبحث عن قطرات الماء!! فأجرنا الفنادق والسيارات في كل من القاهرة ولندن وقلنا إن كان رئيسنا يريد إن يحصل على الدكتوراة فهذا شرف لنا أما إن كان يريد أن يتركنا في الصحراء فنحن لها لأننا وطنيون)!!.
لعل أكبر عيوب الصادق المهدي ضبابية المواقف واعتماد سياسة مسك العصا من الوسط، وكان هذا أمر بين وواضح تمثل في تناقض جوهري أو حتى ظاهري بين ما يدعو له أو يتدثر به وبين أفعاله وتصرفاته.. أمام الأنصار هو حفيد الأمام المهدي وحام حمى الشريعة، لكنه يصف قوانين الشريعة الإسلامية التي طبقت في عهد الرئيس الأسبق نميري بأنها لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به!! تنازع مع عمه الأمام الهادي المهدي متمسكا بضرورة الفصل بين الإمامة وبين المناصب السياسية، واليوم يجمع بين الأمامة والمنصب السياسي وينازع عمه الأمام أحمد المهدي الذي على ما يبدو يريد أن يكتفي بالإمامة ولا يريد منصبا سياسيا لكن ابن أخيه انتزع منه الموقعين عنوة وتجبرا.
كانت فترة ما عرف بالديمقراطية الثالثة امتحانا لقدرات السيد الصادق الذي ترأس خلالها كل الحكومات التي كانت تنفض قبل أن يكتمل تشكيلها حيث الأمر كان أشبه بمسرحية هزلية.. أول انجازات الصادق المهدي الغاء اتفاقية التكامل المشترك مع مصر وسرعان ما ألحق السودان الذي طالما تمتع بميزة الاستقلالية والوسطية في علاقاته الخارجية باحد المحاور الإقليمية فتوترت العلاقة مع العراق ومصر وربما السعودية ولم يستطع رغم (ليبراليته) أن يقيم علاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية رغم أن الأمر لم يكن صعبا لأنها حينها لم تكن قطبا أوحد.
أعتقد أن السؤال المحوري المذكور آنفا يمكن أن يتحول إلى سؤال آخر وهو كم هي الاخفاقات والمصائب التي نتجت عن تصرفات السيد الصادق المهدي؟!
تعليقات