في رثاء الزميل الصحفي أسامة أحمد موسى

رسالة إلى أُخي الراحل أسامة..

أي أُخُيّ أسامة عليك تحية الرحمن تترا برحمات غواد رائحـات، إن لك فينا منزلة لا يغادرنا عطرها وجميل ذكرها، اليوم قد خطفتك منا المنايا المتواثبة التي شحذت كل ناب.. فغدوت مطمئنا راضيا مرضيا بأذن الله متدثرا بفراش الموت، فزرفت العيون دمعا شجيا وتعلقت القلوب فجعة بأهداب صمت بهيم.
ألا ليت شعري والخطوب كثيرة وأهوال الدنيا عظيمة وبوائق الدهر عاكفة ومصائب الليالي متربصة.. فإن جوهر التوحيد التسليم لله في كل الأمور، ولنعز أنفسنا ونردد قول الشاعر:

اصبر لكل مصيبة وتجلد ** وأعلم بأن الدهر غير مخلّد

وقول آخر:

كل أمريء يصبح في أهله ** والموت أدنى من شراك نعله

أخي أسامة إن صدري يضيق ولا ينطلق قلمي، فقد كنت زميلا مؤنسا مسعدا في رحلة صاحبة الجلالة، فرغم وعثاء هذه المهنة ولغوبها الطويل فإن الله ميّزك علينا ففطرك على صفاء نفس ونبل عاطفة فكانت حياتك المهنية مترعة بالمزايا العظام. فكنت في أصعب المواقف كمن يهدي شربة ماء بارد في صحراء قاحلة، أو من يحلبُ كثبة من لبن في يوم ذي مسغبة.
لقد كنت شعلة من النشاط والحيوية الدافقة ولمست ذلك في كثير من التغطيات الصحفية التي جمعتنا أبان سنوات خلت عندما كنت أنا في القسم الاقتصادي بصحيفة الشرق القطرية وأنت في نفس القسم في صحيفة الراية المنافسة. وكان غيابك لافتا حقا فهذا هو نائب رئيس الوزراء القطري ووزير الطاقة والصناعة ينعيك أمام رفقائك في إحدى الفعاليات الاقتصادية التي أعقبت رحيلك مباشرة، قائلا اليوم نفتقد زميلكم أسامة إني لا أجده بينكم.
أخي أسامة نسأل الله العلي القدير أن يجعل الخير كله في ذريتك، لقد رأيت نجلك يوم الوداع الأخير قابعا حول قبرك بعد أن انفضت جحافل المشيعين فكان آخر المغادرين وكأني بك أخذت منه عهدا ليبقى وإخوته على الدرب مستقيمين كما علمتهم بيانا عمليا وغذاءً روحيا.
أخي أسامة دعني أشكر نيابة عنك أسرتك في صحيفة الراية إدارة وتحريرا على وقفتهم الشجاعة فالراية بشيبها وشبابها بكت وانتحبت حتى ظننت أن قلبها قد تصدع. فقد ضربت مثالا طيبا، عهدا ووفاءً لمن عمل في رحابها إخلاصا وتفانيا. ألا جزى الله خيرا كل من جاء معزيا ومواسيا ألا رحمك الله زميلنا ورفيق دربنا أسامة أحمد موسى.


د. ياسر محجوب

صحيفة الراية القطرية الأول من ابريل 2008

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة