كتاب جديد الإعلام العربي.. إشكالية الرأي الانطباعي

كتاب جديد للزميل الصحفي ياسر محجوب
الإعلام العربي بين الكتابة الانطباعية ووزر الضعف العام


الدوحة: الشرق


الإعلام العربي.. إشكالية الرأي الانطباعي عنوان كتاب جديد للزميل الصحفي ياسر محجوب الحسين دعا فيه إلى ضرورة الربط الوثيق بين السياسات اللُغوية لوسائل الإعلام وخدمة قضايا الهوية، فضلا عن توسيع نطاق استخدام الّلغة العربية باعتبارها أسلوبا هاما في التفكير والتصور. وجاء الإصدار الثاني للمؤلف في 128 صفحة من القطع العادي تولت نشره هيئة الخرطوم للصحافة والنشر هذا العام (2007)، وانتقد الكتاب التناول الانطباعي لقضايا الإعلام العربي الأمر الذي نتج عنه صورة ذهنية سالبة حمّلته وزر تشوهات النظام العربي السياسية والإقتصادية والإجتماعية، مشيرا إلى أن هناك اتفاقا على اعتماد الإعلام العربي على المعلومة المطبوخة في وكالات الأنباء الغربية، فضلا عن أن بعض أجهزة الإعلام تستعيض على عدم قدرتها على ملء الفراغات بالمادة المحلية بالمواد المستوردة.
ورغم أن عنوان هذا الكتاب يشير إلى أمر محدد إلا أنه تناول قضايا إعلامية أخرى. ففي الفصل الأول تم التطرق لمصطلحي الإعلام العربي والإعلام الدولي، كما ناقش هذا الفصل مفهومي النظام العربي والنظام الدولي لأن الحديث عن الإعلام العربي يقتضي التطرق لمفهوم الوطن العربي كقومية وكنظام جيوسياسي. كذلك تمت مناقشة الإعلام العربي ومشكلاته فلا يمكن أن ننتظر إعلاما صحيحا معافى ما دام الوسط الذي يعمل فيه مُثخنٌ بالجراحِ. وعرّج هذا الفصل أيضا على سلبيات وإيجابيات الإعلام الدولي، والفرق بين الإعلام الدولي والإعلام الخارجي.

وتناول الفصل الثاني الإعلام السعودي الذي رأى المؤلف أنه ربما يعطي صورة مقرّبة للإعلام العربي خاصة خلال العقدين الأخيرين، وشمل ذلك لمحة تاريخية حيث أن صلة السعودية بالإعلام تعود إلى ما قبل حوالي قرنين من الزمان. كما أن الإعلام السعودي يرتكز إلى قاعدة دينية محافظة. وتناول هذا الفصل أيضا آراء بعض الصُحفيين والإعلاميين السعوديين حول الإعلام في بلادهم؛ وهي آراء نظر إليها المؤلف باعتبارها موضوعية وصائبة في كثير من الأحيان.
أما الفصل الثالث فقد تناول قضية اللغة العربية وأهميتها وعلاقتها بالاتصال وفرص نجاح الرسالة الإعلامية. كذلك تناول هذا الفصل فنيات الكتابة الصحفية، من خلال الشكل التحريري الذي يُعرف بالمقال الصُحفي وهو يعتبر من أكثر الأشكال تأثيرا في الرأي العام.
وركّز الفصل الرابع على علاقة الإعلام بالرأي العام باعتباره قوة ذات أثرٍ كبير في حياة الناس اليومية، وكذلك تناول تاريخ بروز ظاهرة الرأي العام. واشتمل الفصل أيضا على طرح حول إعلام رسالي إستنادا إلى حقيقة أنه ليس هناك إعلامٌ بلا هدف أو قيم أو منطلقات.. مع التأكيد على المكانة العظيمة التي يتبوأها الإعلام في الإسلام. كما تطرق هذا الفصل للمهارات والأساليب التي جعلت من الدين الإسلامي رسالة إعلامية راسخة.
وتناول الفصل الخامس دراسة تحليلية لعدد 32 مقالا في مختلف الصحف العربية، تناولت قضية الإعلام العربي. ورأى المؤلف أن هناك إشكالية في معالجة هذه القضية، وقصد بالإشكالية هنا الالتباس، أي أن هناك التباسا يسعى المؤلف من خلال هذه الدراسة الإسهام في إزالته. فقد كان أمرا لافتا أن تحتشد الصحف العربية بكمٍ كبيرٍ من المقالات التي تتحدث عن الإعلام العربي، وتصدر هذه المقالات أحكاما متفاوتة، لكن في أغلبها كانت سلبية بعضها ينتقد بشدة الإعلام العربي، ليصبح ذلك في كثير من الأحيان نوعا من جلد الذات. وبعض أصحاب هذه المقالات أكاديميون متخصصون، والبعض صحفيون أصحاب خبرة، والبعض الآخر هواة أو كُتّاب موسميون، إن جاز التعبير. ومع اختلاف هؤلاء الكُتّاب باختلاف خلفياتهم الثقافية والأكاديمية، فإن هذا الاختلاف ربما جسّد تنوعا يشكل في المحصلة رأيا عاما حريٌّ بالمهتمين أخذه في الاعتبار، ومناقشته ومحصه بالتحليل.
واستعانت هذه الدراسة بأسلوب تحليل المضمون حيث تم تحليل مضمون عدد من المقالات التي تناولت الإعلام العربي في نطاق الحدود الزمنية للبحث، ومن المعلوم أن تحليل المضمون يُعد أحد الأساليب المنهجية الحديثة التي ارتبطت ببحوث الاتصال وتميّزت بها. وتؤدي عمليات تحليل المضمون عن طريق تحليل محتوى الرسائل الاتصالية وأساليب تناولها ومعالجتها وملاحظة السلوك الاتصالي العلني لها، إلى الوصول إلى مؤشرات توضح الأبعاد المستترة والمقاصد التي من ورائها. هذا مع استصحاب أهمية الملاحظة التي تعتبر من أهم الوسائل في أي بحث تقريبا. وهي من أقدم الوسائل التي عرفها الإنسان، واستخدمها في جمع المعلومات عما يحيط من ظواهر، في البيئة أو المجتمع الذي يعيش فيه. فقد ظل الباحث يتابع باهتمام كل ما يكتب عن الإعلام العربي في الصحافة العربية سواء كانت صحافة محلية أو مهاجرة.
وتطرقت هذه الدراسة إلى كل من مفهومي النظام العربي والنظام الدولي، إضافة إلى مفهومي الإعلام العربي والإعلام الدولي، كما تناولت بشكل مختصر أهم مشكلات الإعلام العربي، وسلبيات وإيجابيات الإعلام الدولي. وأفردت الدارسة مساحة تناولت فيها الإعلام السعودي وهو المنظومة الأضخم عربيا، كما شمل ذلك آراء الصُحفيين والكتاب السعوديين. وفي الجانب الرئيسي من هذه الدراسة تم تحليل مضمون 32 مقالا صحفيا، نشرت خلال العام 2003 في عدد من الصحف العربية،
وقدمت في ختام هذه الدراسة عددا من النتائج والتوصيات، حيث توصلت إلى أن هناك اتفاقا على اعتماد الإعلام العربي على المعلومة المطبوخة في وكالات الأنباء الغربية، بل أن بعض أجهزة تستعيض على عدم قدرتها ملء الفراغات بالمادة المحلية بالمواد المستوردة. ومن بين 32 مقالا تم تحليل مضمونها هناك 15 مقالا سلبيا تجاه الإعلام العربي، واثنان فقط ايجابيان، بينما هناك 15 مقالا محايدا.
ومن توصيات الدراسة، الدعوة إلى ضرورة مناقشة سلبيات الإعلام العربي على نحو موضوعي بدون انطباعية أو هتافية، الأمر الذي يجعل منها عملا إيجابيا يصب في صالح معالجة ناجعة للسلبيات. وكذلك ضرورة أن يُسهم الإعلام العربي مساهمة فعالة في ترسيخ المشروع الثقافي العربي من خلال تعزيز التعبير باللغة العربية الفصحى وبالصياغة التي تضمن سلامة التركيب وتُيسّر جودة الأداء..
يذكر أن الزميل ياسر سبق أن أصدر كتابا حول قناة الجزيرة بعنوان "الجزيرة.. نظرة رمادية لإفريقيا" ويعكف حاليا على انجاز رسالة دكتوراة في الإعلام.


صحيفة الشرق القطرية 25 يونيو 2007

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة