طرفا الحكم في السودان.. الشطرنج خير من الملاكمة
ملف اللاجئين السودانيين في إسرائيل هل اكتمل ؟
طرفا الحكم في السودان.. الشطرنج خير من الملاكمة
ياسر محجوب
كاتب وصحفي سوداني
طرفا الحكم في السودان.. الشطرنج خير من الملاكمة
ياسر محجوب
كاتب وصحفي سوداني
إن تصريحات الفريق سلفاكير ميارديت رئيس الحركة الشعبية الأخيرة بأن لا عودة لخيار الحرب مطلقاً وأن الحركة لن تتحالف مع
أي تنظيم سياسي ضد حزب المؤتمر الوطني برئاسة الرئيس عمر البشير الأمر الذي يمكن أن يشير إلى بعض التحسن في البيئة السياسية السودانية واتجاهها نحو الرُشد واعتماد المدافعة السياسية نهجا بدلا عن لغة السلاح. وشهدت الحركة الشعبية في مؤتمرها الأخير عدة تحولات تصب في هذا الاتجاه فالنقل الرمزي لمركزها من جنوب البلاد إلى شمالها فيه إشارة سياسية مهمة كما أن عدم الاستجابة لضغوطات المتطرفين داخل الحركة التي هدفت للإطاحة ببعض وزراء الحركة المتهمين بتنفيذ سياسات المؤتمر الوطني على رأسهم وزير الخارجية لام أكول يعتبر أيضا مؤشر صحة وتعاف من عقلية الغابة والعصابات المسلحة. رغم ان لام أكول هو نفسه الذي نصح الحركة الشعبية بألا تقبل أي شراكة مع المؤتمر الوطني وذلك إثر عودته إلى صفوفها في أكتوبر 2003 بعد 12 عاما من الانشقاق عنها مؤكدا أن أي شراكة ثنائية "ستكون بمثابة انتحار سياسي للحركة". وربما كونه من أبناء قبيلة الشلك يواجه عاصفة من الانتقادات من قبل صقور قبيلة الدينكا الممسكة بمقاليد الأمور في الحركة كما واجه لام أكول من ناحية أخرى جماعات ضغط سياسية وسط مثقفي قبيلته الشلك بعد عودته إلى حظيرة الحركة الشعبية. لكن يبدو أن الرجل استفاد من كل هذه التجارب بضرورة التمسك بالتوجه القومي خاصة في حالة تولي أي مسؤولية سيادية مثل وزارة الخارجية ولذلك تجده صرح عند توليه هذا المنصب قائلا: "انه كوزير للخارجية لا يمثل الحركة الشعبية أو الجنوب، وإنما يباشر مسؤولياته باسم السودان كله".
وخير لطرفي الحكم في السودان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) أن يعتمدا لعبة الشطرنج ومنهج "الحرب" الباردة بدلا من لعبة الملاكمة ولغة السلاح. ولاشك أن المؤتمر الوطني باعتباره الطرف الأكثر تمرسا في العمل السياسي قادر على اعتماد نهج المدافعة السياسية الناعمة إن صح التعبير، وطالما نجح المؤتمر الوطني في تصدير النفط السوداني لأول مرة في تاريخ السودان بعد عام واحد من قصف الولايات المتحدة الأميركية لمصنع الشفاء للأدوية سينجح بالتأكيد في هذه المهمة. وهذا النفط الذي خرج بعد معاناة شديدة رأى فيه – حينئذ - الصادق المهدي رئيس حزب الأمة الذي أكثر وأسهب في التنظير كعادته في محاضرة له بالدوحة مؤخراً أنه "مجرد أحلام ظلوط التي يراها النائم من السرير ويتزلط..!!" هكذا قال الصادق المهدي الذي لم يفلح في شيء مثلما أفلح في استحداث تعبيرات غريبة تكرس واقعا سياسيا سطحيا. والزّلط في اللغة بتشديد الزاي يعني المشي السريع لكن استخدامها هنا ربما كان من باب التقعير!!. لكن إنّ أقبَحَ اللَّحن لحنُ أصحاب التّقعير والتقعيب، والتَّشديق والتمطيط والجَهْورةِ كما قال الجاحظ في البيان والتبيين. ونقل عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة. والصادق المهدي الذي يحب أن يشار إليه بأنه شخصية سياسية (كاريزما) نرى أنه من الأهمية بمكان أن يعرف أن (الكاريزما) تكون في بدايتها قوية ثم تصبح روتينا حيث تنقص روح الحماس وتصبح الرغبة في استعادة القديم شعورا مسيطرا يصاحبه شيء من عدم التوازن.
وحتى لا يتسرب الماء القذر تحت الأرجل نقول أن حكومة الإنقاذ ورثت من حكومتي الصادق المهدي وجعفر نميري 17 مليار دولار لتصل في الوقت الحاضر لأكثر من 22 مليار دولار ومعظم هذه الزيادة عبارة عن فوائد لهذه الديون. ونحيل السيد الصادق المهدي إلى النجاحات الاقتصادية المتتالية التي حققتها الحكومة نتيجة سياسة الانفتاح وإعادة بناء وتحديث الاقتصاد الوطني والانتقال به من الاقتصاد العام إلى الاقتصاد الحر عبر سلسلة من الإصلاحات والإجراءات عملت من خلالها على تحرير التجارة والعملة. واستطاع السودان بفضل الله تطبيع علاقاته مع مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية وهو ما دفع صندوق النقد الدولي إلى استئناف تعامله مع السودان وإعادة حق التصويت وما يتعلق به من حقوق. فيما أستمر السودان في سداد تلك الديون المشار إليها حيث يبلغ معدل إجمالي السداد حوالي 72.6 مليون دولار وفق برنامج لإعادة الجدولة. ولذلك فقد احتل السودان في عام 2003 وفقا لتقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) المركز الثالث عربيا في استقطاب الاستثمارات الأجنبية في ظل حصار وعقوبات أميركية معروفة للقاصي والداني. وبالأمس القريب جداً قالت المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحرى أن استثماراتها الإجمالية في السودان عام 2007 ستتجاوز 3.6 مليار دولار أميركي بزيادة 19%على أساس سنوي.
إن شرعية أي نظام سياسي أوسع من التأييد أو المعارضة فقد يكون هناك من يعارض السلطة أو يتذمر من بعض مواقفها وسياساتها ولكن هذه أمور طبيعية بل حتمية لكن ذلك لا ينفي الشرعية طالما شعر المواطنون أن السلطة في توجهها العام سلطة وطنية ومخلصة لخيارات التنمية والرفاه الاجتماعي والقيم التي تربط أبناء الوطن بعضهم ببعض.
لذلك فإن التربة الصالحة لحل قضية دارفور موجودة فقد وجد الاتفاق الذي تم في قمة طرابلس مؤخرا بين الرئيسين إدريس دبي والرئيس البشير إشادة وتجاوب كبير من الحكومة التشادية والتزام تام بما نص عليه اتفاق طرابلس لتامين الحدود بين البلدين فيما يحمل كبير مساعدي رئيس الجمهورية منى أركوى مناوي أفكارا ومقترحات جديدة سيطرحها على القذافي تختص بالحوار مع كافة الحركات غير الموقعة على اتفاق ابوجا فضلا عن أن التنسيق مستمر مع كافة مكونات حكومة الوحدة الوطنية حول ما أسماه مناوي بالأدوار التكاملية التي تخدم مسيرة السلام لدارفور. كذلك من ملامح الرشد السياسي انتقاد الحركة الشعبية والحزب الشيوعي المساعي الأميركية لفرض مزيد من العقوبات ضد السودان على خلفية تطورات الموقف من القوات الدولية ويقول أحد قياديي "إن العقوبات ستكون إضافة سالبة ضد مشروع السلام والاستقرار الشامل بالبلاد" وفى دوائر الحزب الشيوعي قال الناطق باسم الحزب "إن أي قرارات بفرض عقوبات ستكون آثاره موجه إلى الشعب".
لكن أسوأ ما أفرزته مشكلة دارفور استيعاب 60 لاجئا سودانيا في سبع قرى تعاونية إسرائيلية يعرف بـ(كيبوتسات) وهؤلاء اللاجئون ذكرت المصادر الإسرائيلية أنهم دخلوا فلسطين المحتلة بطريقة "غير شرعية"؟! كما أعلن هناك أن 12 تعاونية مستعدة لإيواء باقي اللاجئين وعددهم 240 حسب تلك المصادر المشكوك بالطبع في نواياها وبالتالي في نشر وتوقيت مثل هذه الأخبار. إن التزايد المبرمج لعدد هؤلاء اللاجئين الذي تقف من ورائه أيادي خبيثة وأخرى مُغررٌ بها يفتح الباب أمام تساؤل مشروع عن الجديد في النوايا الإسرائيلية تجاه السودان. ومما شك فيه أن التحركات الرعناء من بعض المنتسبين لحركات التمرد في دارفور ومحاولاتهم مد الجسور مع الساسة الإسرائيليين واقتناص الفرص لاستجداء "الرحمة" عبر تقديم المذكرات ليست إلا خدمة بلا ثمن تقدم للعدو الإسرائيلي وتعضيدا لمحاولاته المستميتة للتطبيع القسري مع مختلف الدول العربية والإسلامية.
إن تضخم ملف اللاجئين السودانيين في إسرائيل مع تركيز وتضخيم إعلامي تتبناه منظومة الإعلام الغربي ويدخل في جوقته المراهقون سياسياً ممن يتحدثون باسم دارفور سيشكل ورقة ضغط على الحكومة السودانية تنتظر إسرائيل أن ينجح ذلك في تحقيق بعض التنازلات على صعيد التطبيع وإيجاد موطأ قدم في البوابة الجنوبية للعالم العربي.
من جانب آخر نجد أنه في الوقت الذي يتفق فيه الغرب وأميركا وإسرائيل على إستراتيجية واحدة معروفة تجاه السودان بوجه خاص وتجاه العالم العربي والإسلامي بشكل عام – وهي بلا شك إستراتيجية معادية - تتفرد فرنسا بموقف تجاه قضية دارفور يختلف نسبياً ولا أقول شكلياً عن الموقف الأميركي الإسرائيلي فكما الوضع بالنسبة للعراق في العام 2003 ترى فرنسا أن حل الأزمة يجب أن يكون دبلوماسياً وسياسياً وهذا بالطبع ليس حباً في العراق ورأفة به وإنما ذلك الموقف كان قائما على مصالح إقتصادية منتظر تحقيقها، وفي دارفور ترى فرنسا نفس الرأي وتشدد على احترام صارم للسيادة السودانية، وأن أي سيناريو آخر، لا يمكن أن يؤدي سوى إلى عراق آخر. ولفرنسا مطامع ومصالح إستراتيجية في ذلك الجزء من إفريقيا ويهمها بقاء النظام التشادي وإبعاده عن شبح السقوط ولو لا التدخل العسكري في اللحظة الأخيرة لاكتسحت المعارضة التشادية المسلحة العاصمة نجامينا العام الماضي والتي كانت قاب قوسين أو أدني من القصر الرئاسي. ولذلك كان هناك اقتراح فرنسي بنشر قوات دولية على الجانب التشادي من الحدود السودانية التشادية على أن تقتصر مهمتها على المراقبة والدعم الإنساني فيما أمن الأميركيون على هذا الاقتراح لكن بفهم آخر بحيث تستخدم هذه القوات يوما للتدخل المباشر في الأراضي السودانية.
· حكمة: قال أبو الأسود رحمه الله: العمامة خير ملبوس، جنة في الحرب، ووقاية من الأحداث، ومكنة من الجر، ومدفأة في البرد، ووقار في النّدى، وزيادة في القامة وهي تعد من تيجان العرب.
صحيفة الوطن القطرية 27 فبراير 2007م
وخير لطرفي الحكم في السودان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) أن يعتمدا لعبة الشطرنج ومنهج "الحرب" الباردة بدلا من لعبة الملاكمة ولغة السلاح. ولاشك أن المؤتمر الوطني باعتباره الطرف الأكثر تمرسا في العمل السياسي قادر على اعتماد نهج المدافعة السياسية الناعمة إن صح التعبير، وطالما نجح المؤتمر الوطني في تصدير النفط السوداني لأول مرة في تاريخ السودان بعد عام واحد من قصف الولايات المتحدة الأميركية لمصنع الشفاء للأدوية سينجح بالتأكيد في هذه المهمة. وهذا النفط الذي خرج بعد معاناة شديدة رأى فيه – حينئذ - الصادق المهدي رئيس حزب الأمة الذي أكثر وأسهب في التنظير كعادته في محاضرة له بالدوحة مؤخراً أنه "مجرد أحلام ظلوط التي يراها النائم من السرير ويتزلط..!!" هكذا قال الصادق المهدي الذي لم يفلح في شيء مثلما أفلح في استحداث تعبيرات غريبة تكرس واقعا سياسيا سطحيا. والزّلط في اللغة بتشديد الزاي يعني المشي السريع لكن استخدامها هنا ربما كان من باب التقعير!!. لكن إنّ أقبَحَ اللَّحن لحنُ أصحاب التّقعير والتقعيب، والتَّشديق والتمطيط والجَهْورةِ كما قال الجاحظ في البيان والتبيين. ونقل عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة. والصادق المهدي الذي يحب أن يشار إليه بأنه شخصية سياسية (كاريزما) نرى أنه من الأهمية بمكان أن يعرف أن (الكاريزما) تكون في بدايتها قوية ثم تصبح روتينا حيث تنقص روح الحماس وتصبح الرغبة في استعادة القديم شعورا مسيطرا يصاحبه شيء من عدم التوازن.
وحتى لا يتسرب الماء القذر تحت الأرجل نقول أن حكومة الإنقاذ ورثت من حكومتي الصادق المهدي وجعفر نميري 17 مليار دولار لتصل في الوقت الحاضر لأكثر من 22 مليار دولار ومعظم هذه الزيادة عبارة عن فوائد لهذه الديون. ونحيل السيد الصادق المهدي إلى النجاحات الاقتصادية المتتالية التي حققتها الحكومة نتيجة سياسة الانفتاح وإعادة بناء وتحديث الاقتصاد الوطني والانتقال به من الاقتصاد العام إلى الاقتصاد الحر عبر سلسلة من الإصلاحات والإجراءات عملت من خلالها على تحرير التجارة والعملة. واستطاع السودان بفضل الله تطبيع علاقاته مع مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية وهو ما دفع صندوق النقد الدولي إلى استئناف تعامله مع السودان وإعادة حق التصويت وما يتعلق به من حقوق. فيما أستمر السودان في سداد تلك الديون المشار إليها حيث يبلغ معدل إجمالي السداد حوالي 72.6 مليون دولار وفق برنامج لإعادة الجدولة. ولذلك فقد احتل السودان في عام 2003 وفقا لتقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) المركز الثالث عربيا في استقطاب الاستثمارات الأجنبية في ظل حصار وعقوبات أميركية معروفة للقاصي والداني. وبالأمس القريب جداً قالت المؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحرى أن استثماراتها الإجمالية في السودان عام 2007 ستتجاوز 3.6 مليار دولار أميركي بزيادة 19%على أساس سنوي.
إن شرعية أي نظام سياسي أوسع من التأييد أو المعارضة فقد يكون هناك من يعارض السلطة أو يتذمر من بعض مواقفها وسياساتها ولكن هذه أمور طبيعية بل حتمية لكن ذلك لا ينفي الشرعية طالما شعر المواطنون أن السلطة في توجهها العام سلطة وطنية ومخلصة لخيارات التنمية والرفاه الاجتماعي والقيم التي تربط أبناء الوطن بعضهم ببعض.
لذلك فإن التربة الصالحة لحل قضية دارفور موجودة فقد وجد الاتفاق الذي تم في قمة طرابلس مؤخرا بين الرئيسين إدريس دبي والرئيس البشير إشادة وتجاوب كبير من الحكومة التشادية والتزام تام بما نص عليه اتفاق طرابلس لتامين الحدود بين البلدين فيما يحمل كبير مساعدي رئيس الجمهورية منى أركوى مناوي أفكارا ومقترحات جديدة سيطرحها على القذافي تختص بالحوار مع كافة الحركات غير الموقعة على اتفاق ابوجا فضلا عن أن التنسيق مستمر مع كافة مكونات حكومة الوحدة الوطنية حول ما أسماه مناوي بالأدوار التكاملية التي تخدم مسيرة السلام لدارفور. كذلك من ملامح الرشد السياسي انتقاد الحركة الشعبية والحزب الشيوعي المساعي الأميركية لفرض مزيد من العقوبات ضد السودان على خلفية تطورات الموقف من القوات الدولية ويقول أحد قياديي "إن العقوبات ستكون إضافة سالبة ضد مشروع السلام والاستقرار الشامل بالبلاد" وفى دوائر الحزب الشيوعي قال الناطق باسم الحزب "إن أي قرارات بفرض عقوبات ستكون آثاره موجه إلى الشعب".
لكن أسوأ ما أفرزته مشكلة دارفور استيعاب 60 لاجئا سودانيا في سبع قرى تعاونية إسرائيلية يعرف بـ(كيبوتسات) وهؤلاء اللاجئون ذكرت المصادر الإسرائيلية أنهم دخلوا فلسطين المحتلة بطريقة "غير شرعية"؟! كما أعلن هناك أن 12 تعاونية مستعدة لإيواء باقي اللاجئين وعددهم 240 حسب تلك المصادر المشكوك بالطبع في نواياها وبالتالي في نشر وتوقيت مثل هذه الأخبار. إن التزايد المبرمج لعدد هؤلاء اللاجئين الذي تقف من ورائه أيادي خبيثة وأخرى مُغررٌ بها يفتح الباب أمام تساؤل مشروع عن الجديد في النوايا الإسرائيلية تجاه السودان. ومما شك فيه أن التحركات الرعناء من بعض المنتسبين لحركات التمرد في دارفور ومحاولاتهم مد الجسور مع الساسة الإسرائيليين واقتناص الفرص لاستجداء "الرحمة" عبر تقديم المذكرات ليست إلا خدمة بلا ثمن تقدم للعدو الإسرائيلي وتعضيدا لمحاولاته المستميتة للتطبيع القسري مع مختلف الدول العربية والإسلامية.
إن تضخم ملف اللاجئين السودانيين في إسرائيل مع تركيز وتضخيم إعلامي تتبناه منظومة الإعلام الغربي ويدخل في جوقته المراهقون سياسياً ممن يتحدثون باسم دارفور سيشكل ورقة ضغط على الحكومة السودانية تنتظر إسرائيل أن ينجح ذلك في تحقيق بعض التنازلات على صعيد التطبيع وإيجاد موطأ قدم في البوابة الجنوبية للعالم العربي.
من جانب آخر نجد أنه في الوقت الذي يتفق فيه الغرب وأميركا وإسرائيل على إستراتيجية واحدة معروفة تجاه السودان بوجه خاص وتجاه العالم العربي والإسلامي بشكل عام – وهي بلا شك إستراتيجية معادية - تتفرد فرنسا بموقف تجاه قضية دارفور يختلف نسبياً ولا أقول شكلياً عن الموقف الأميركي الإسرائيلي فكما الوضع بالنسبة للعراق في العام 2003 ترى فرنسا أن حل الأزمة يجب أن يكون دبلوماسياً وسياسياً وهذا بالطبع ليس حباً في العراق ورأفة به وإنما ذلك الموقف كان قائما على مصالح إقتصادية منتظر تحقيقها، وفي دارفور ترى فرنسا نفس الرأي وتشدد على احترام صارم للسيادة السودانية، وأن أي سيناريو آخر، لا يمكن أن يؤدي سوى إلى عراق آخر. ولفرنسا مطامع ومصالح إستراتيجية في ذلك الجزء من إفريقيا ويهمها بقاء النظام التشادي وإبعاده عن شبح السقوط ولو لا التدخل العسكري في اللحظة الأخيرة لاكتسحت المعارضة التشادية المسلحة العاصمة نجامينا العام الماضي والتي كانت قاب قوسين أو أدني من القصر الرئاسي. ولذلك كان هناك اقتراح فرنسي بنشر قوات دولية على الجانب التشادي من الحدود السودانية التشادية على أن تقتصر مهمتها على المراقبة والدعم الإنساني فيما أمن الأميركيون على هذا الاقتراح لكن بفهم آخر بحيث تستخدم هذه القوات يوما للتدخل المباشر في الأراضي السودانية.
· حكمة: قال أبو الأسود رحمه الله: العمامة خير ملبوس، جنة في الحرب، ووقاية من الأحداث، ومكنة من الجر، ومدفأة في البرد، ووقار في النّدى، وزيادة في القامة وهي تعد من تيجان العرب.
صحيفة الوطن القطرية 27 فبراير 2007م
تعليقات