أوجه الشبه والاختلاف .. MR BEAN يان برونك و

على نفسها جنت براقش بالسذاجة وسوء النية
أوجه الشبه والاختلاف .. MR BEAN يان برونك و

ياسر محجوب
كاتب وصحفي سوداني
لا أدري لماذا أتذكر الممثل البريطاني مستر بين عندما أنظر في وجه يان برونك مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في السودان.. الأول ممثل كوميدي ساخر أراد تسخير الفن لمعالجة فئة من الناس في المجتمع وهي فئة امتازت بالسذاجة وفي كثير من الأحيان بالعبط وقد استطاع بين بجدارة تجسيد هذه الصفات حتى في تقاسيم وجهه.. إذن فإن مستر بين الذي طالما ضحكنا فيه كثيرا حتى استلقينا على ظهورنا لتصرفاته الساذجة شخص برئ في حقيقة الأمر بل رجل صاحب رسالة يريد أن يخلص المجتمعات من تلك الفئة باقتراح الدواء المناسب. أما مستر برونك فيقوم بتصرفاته أصالة عن نفسه ودون تمثيل عدا كونه ممثلاً لكوفي عنان الذي تسأل الشعوب المغلوبة على أمرها دائما أن يكفيها الله شره.
لنترك Mr Bean وشأنه ونناقش مسألة مستر برونك الذي عينه الأمين العام للامم المتحدة ممثلاً خاصاً له في السودان، وذلك اعتباراً من يوم 18 يناير 2004م. ورئيسا لعملية دعم السلام في السودان. حيث تم تفويض بعثة الأمم المتحدة بالسودان بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1590 عقب توقيع اتفاق السلام الشامل بين حكومة السودان والحركة الشعبية. لكن يان برونك على طريقة بول بريمر في العراق تجاوز كل الخطوط الحمر بل تجاوز دوره ممثلاً للامين العام للامم المتحدة وتحدث في مسألة حساسة تمس الأمن القومي السوداني وقال إن القوات المسلحة السودانية تعرضت لنكسات في دارفور وأن معنوياتها منهارة ولا أدري هل هذه المعلومات التي توصل إليها هي معلومات استخبارية وأن الأمم المتحدة جهة استخبارية وطرف في النزاع أم أن الأمر يأتي كله في اطار تبادل الأدوار بين الأدوات التي تستخدمها الولايات المتحدة في حربها المكشوفة على السودان كدولة بمكوناتها الثقافية والجيوسياسية. لقد كان قرار طرد برونك قرارا صائبا وهو يمثل الحد الأدنى لأي دولة تحترم سيادتها وتسعى لصون أمنها وقد صدر هذا القرار بعد ان استدعي برونك من قبل ثلاث مرات لوزارة الخارجية السودانية مستوضحا عن مواقف غير مسؤولة من هذه الشاكلة ويعتبر المسؤولون السودانيون أن تصريحات برونك انما هي جزء من المحاولات المستمرة لاجبار السودان على الموافقة على نشر قوات دولية تحت الفصل السابع في دارفور... ورغم هذا الطرد المذل لمسؤول أممي إلا أن رد الامم المتحدة على قرار السودان اتسم بالهدوء مما يشير إلى أنها تفهمت تماما مبررات الحكومة السودانية لاتخاذ هذا القرار بل انها شرعت في اختيار بديل لمستر برونك. وصدرت ردود فعل غاضبة ومعزولة من مندوبي أميركا وبريطانيا لدى الامم المتحدة مع ان يان برونك كان مبعوثا للامين العام للامم المتحدة وليس للحكومة الاميركية او البريطانية أو الحكومات الغربية.
الحكومة السودانية لم تدع كذبا على برونك الذي كان ساذجا جدا مثل براقش التي جنت على نفسها ففي موقعه الخاص بشبكة الانترنت كتب حول أنشطة الجيش السوداني وكيف أنه تكبد خسائر إضافة للكثير من المغالطات.. كل ذلك كان مخالفات واضحة جداً وزاد على ذلك أن التقى بعدد من منسوبي الحركات التي وقعت اتفاق سلام دارفور وتحدث معهم حول أن الحكومة والأطراف التي وقعت كلها ليست جادة وأن الاتفاقية ضعيفة وأنهم سيضيعون إذا انتظروا تطبيقها وكان في كل ذلك ما يشير إلى كثير من القرائن للعودة مرة أخرى للقتال!!.
داخليا فقد لمست - وأنا أكتب من داخل السودان - تجاوبا كبيرا مع قرار طرد برونك وهو على ما يبدو ذات التجاوب مع قرار رفض دخول القوات الدولية ما عدا تصريحات بعض مسؤولي الحركة الشعبية التي تصب في خانة التناقضات داخل الحركة أو في خانة محاولات الكسب الرخيص والاصطياد في المياه العكرة. فحكومة الوحدة الوطنية التي تشارك فيها الحركة هي التي أصدرت قرار الطرد ومع كون الحركة لم تصدر بيانا رسميا يعضد تصريحات بعض مسؤوليها الرافضة للقرار ويضعها في خانة المساءلة القانونية فإن ذلك يفسر محاولات الحركة استغلال هامش مناورة تلجأ إليه الحركة كثيرا ويغض المؤتمر الوطني الشريك الأكبر الطرف عنه لأسباب ربما بدت للبعض غير معروفة أو غير منطقية.
أما حركة تحرير السودان في دارفور جناح منى اركو مناوي شريك اتفاق ابوجا فأيدت قرار الطرد وقالت ان لديها تحفظات على تصرفات برونك وسلوكه وتصريحاته المتناقضة التى تتنافى مع واجباته كممثل خاص للأمم المتحدة. وقال سيف الدين صالح المسؤول الإعلامي بالحركة «نحن في الحركة ظللنا نتابع تصريحاته وأحاديثه الغريبة ونعتقد أن السودان من حقه كدولة لها سيادتها أن تحافظ عليها ومن حقها أن تتصرف بالشكل الذي تراه مناسباً دبلوماسياً وسياسياً وعلى السيد (يان برونك) أن يتحمل نتيجة تصرفاته».
إن الحالة التعيسة التي وجد برونك نفسه فيها تثير الشفقة وتدمي قلوب الذين دفعوه لمثل هذه التصرفات الرعناء لقد طلب كوفي عنان من الحكومة السودانية بأن تسمح لبرونك بالعودة الى السودان لايام قليلة فقط لتجميع اغراضه الشخصية والمغادرة النهائية. ولا ندري هل ستكون هذه آخر محطات برونك أم أنه سيبتلى به بلد آخر؟!.. إن برونك الذي كان قد أستنفد صلاحيته كسياسي ورجل دولة في بلده هولندا بعدما ظل مستوزرا فيها منذ العام 1973 حيث تولى حقيبة التعاون التنموي ثلاث مرات في الحكومة الهولندية (1973- 1978، 1989-1998)، ثم وزيراً للبيئة (1998-2002). لم يجد بدا من أن يبقى دمية في يد الولايات المتحدة تحاول من خلاله تنفيذ مخططاتها الشريرة في السودان. فضلا عن أن رئاسته لمؤتمر الأمم المتحدة لأطراف معاهدة تغير المناخCoP6 الذي انعقد في لاهاي في نوفمبر 2000م لم تفلح في اقناع الولايات المتحدة للتوقيع على معاهدة الحد من انبعاث الغازات السامة.. كما هناك كثير من قيل وقال حول مهمته في يوغسلافيا - سابقا - فقد كان شاهد عيان على مذبحة (سربينتشا) تحت راية القبعة الزرقاء!!
صحيفة الوطن القطرية 2 نوفمبر 2006

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة